الطاقة الحرارية الجوفية في الأردن Geothermal Energy in Jordan

هل كُنتَ تعلم من قبل بوجود مصدر غنيّ بالطاقةِ المتجددة يقعُ تحتَ اقدامُنا ؟؟ ليس كذالك فقط، هل كُنتَ تعلم بأن ذلك المصدر يزودونا بالطاقة المتجددة والمستدامة والصديقة للبيئة التي يمكن استخدامها في العديد من التطبيقات المختلفة والتي يعتبر من اهمها توليد الكهرباء؟؟

فالحقيقة نعم ، يوجد مصدر غنيّ في الطاقةِ الحراريةِ الارضيةِ والذي يوجد على بُعد ارتفاعاتٍ واعماقٍ معينة منا. وتسمى هذه الطاقة في الطاقة الحرارية الجوفية لوجودها في جوف الارض والتي سوف نتعرف عليها اكثر في هذا المقال الذي بين يدينا.

تعتبر الطاقة الحرارية الجوفية التي يتمتع بها العديد من بلدان العالم، طاقة متجددة وصديقة للبيئة حيث يعود مصدر هذه الطاقة الى التركيب الجيولوجي للكرة الارضية وبتحديد للبنية الداخلية للارض فجميعنا نعلم بأن الارض تتألف من عدة طبقات وهي القشرة الارضية وهي الطبقة التي نعيش عليها، يليها طبقة الوشاح ثم طبقة اللب الخارجي فاللب الداخلي، أما الطبقة المسؤولة من هؤلاء الطبقات على تشكيل الطاقة الحرارية الجوفية هي الوشاح فهي التي تقوم بتسخين القشرة الارضية والمياة الجوفية نظرا لحرارتها المرتفعة فهذه الحرارة التي تصدرها هذه الطبقة هي التي تسببت في تكوين الطاقة الحرارية الارضية التي يمكن استغلالها في العديد من التطبيقات والاستخدامات التي تعود على الانسان بالنفع و الفائدة.

 دعونا نعود معا الى تاريخ هذه الطاقة الحرارية الارضية العريق حيث ان تم اكتشاف هذه الطاقة واستخدامها في العديد من المجالات منذ ملايين السنين. فالعديد من الحضارات القديمة اعتمدت على الطاقة الحرارية الجوفية في الطبخ والاستحمام من ثم في الثمانينات تم استخدام اول مضخة حرارية ارضية لتزويدنا في المياه الساخنة، وفي مطلع العشرين ادى زيادة الطلب على الكهرباء الى استخدام الطاقة الحرارية الارضية كمصدر لتوليد الكهرباء، حيث تم انشاء اول مولد للكهرباء يعمل بالطاقة الحرارية الارضية باشراف الامير بيرو جينوري كونتي في ايطاليا عام 1904، وبعد ان تنبهت العديد من الدول لهذا المصدر المخفي للطاقة بدأت في استغلاله في عديد من التطبيقات فمثلا قامت ايسلندا في استغلال السوائل الحرارية الارضية للتدفئة المنزلية، وقامت نيوزيلندا بالإستخدام التجاري للطاقة الحرارية الارضية وايضا قامت الولايات المتحدة الاميركية باستغلال هذه الطاقة الحرارية لانتاج الكهرباء في العديد من الولايات، فاصبحت تستخدم الطاقة الحرارية الارضية في الكثير من دول العالم ما يزيد تقريبا عن 83 دولة في اغراض مختلفة من ضمنها توليد الكهرباء في وقتنا الحالي .

(يوضح الشكل السابق كيف يمكن استغلال الطاقة الحرارية الجوفية في توليد الطاقة الكهربائية)

لكن السؤال يبقى اي توجد الطاقة الحرارية الارضية اليوم  ؟
 توجد الطاقة الحرارية الارضية في جميع انحاء العالم بدراجات متفاوتة حيث يتم استخدمها حاليا في اكثر من 83 دولة سواء كان بشكل مباشر بغرض التدفئة والزراعة وبشكل غير مباشر في توليد الطاقة الكهربائية او الاثنين معا.
يتمتع الاردن بامكانيات غنية بالطاقة الحرارية الارضية حيث انه يمتد وجود الطاقة الحرارية الارضية في الاردن من الجنوب الغربي وحتى الشمال الشرقي اي في اغلب مناطق المملكة، وتتوزع الطاقة الحرارية الارضية في البلاد في مجموعة من الحقول التي تم تصنيفها بناءً على درجة حرارتها الى مجموعتين وهما: حقول ذات تدرج حراري مرتفع بحيث تزداد الحرارة فيه بمقدار يزيد عن 4.5 درجة مئوية كلما تدرجنا الى الاسفل بمقدار 100 متر،  وتضم هذه المجموعة حقلين رئيسيتين وهما الاول يقع في الاماكن المجاورة لجرف شرق البحر الميت الذي يمتد من الشونة قرب الحدود الاردنية السورية جنوبا عند نبع عفرا وبربيطة ويبلغ طولة 250كم ،حيث يضم هذا الحقل 50 نبعا حراريا للمياه الساخنة حيث تتراوح درجة حرارة الينابيع في هذا الحقل بين 33 درجة مئوية الى 61.5 درجة مئوية، اما الحقل الثاني الذي ينتمي لهذه المجموعة هو حقل الريشة والذي يقع في الصحراء الشمالية الشرقية بالقرب من الحدود الثلاثية التي تجمع الاردن وسوريا والعراق حيث انه تم اكتشاف هذا الحقل اثناء التنقيب عن النفط والغاز في الخزانات العميقة.

اما المجموعة الثانية تضم الحقول ذات التدرج الحراري المعتدل بحيث تزداد درجة الحرارة بمقدار من 3.5-4.5 درجة مئوية كلما تدرجنا الى الاسفل بمقدار 100متر وهي تضم حقل الخالدية والذي يمتد من الازرق  شرقا حتى الزرقاء وينتهي في المفرق شمالا حيث تتراوح درجة حرارة الينابيع الحارة التي يضمها هذا الحقل من 39 درجة مئوية الى 46 درجة مئوية، وحقل جنوب شرق الصحراء الذي يمتد على طول الحدود الاردنية السعودية حيث يبلغ التدرج الحراري في هذا الحقل 5 درجات مئوية كلما تدرجنا 100متر .

ولكن مع وجود جميع هذه المصادر للطاقة الحرارية الجوفية على أرض المملكة الا انه لم يتم استغلالها بالصورة المثلى بسبب ضعف في الامكانيات والميزانية لدى الدولة، ولكن حديثا تقوم الاردن في العديد من الدراسات والاتفاقيات التي تسعى الى استغلال هذه الطاقة الحرارية الجوفية بافضل شكل ممكن.